لم يكن اي احد في مصر يعرف ان يوم 25 يناير سيكون بهذا القوه والتاثير ولا حتى الداعين لتنظيم هذا اليوم انفسهم ، وبالطبع كانت الدوله اكبر المصدومين في هذا النجاح ، فقد اعتادت الدوله على تلك التظاهرات المكونه من بضع عشرات الى بضع مئات يحيط بهم اضعافهم من الامن المركزي والمباحث ويكتفي المواطنين العاديين اما بالتضامن القلبي واما بمصمصه شفاههم على العيال التافهين الي عندهم وقت فراغ بيقضوه في معارضه الحكومه ، وتنتهي المظاهره بتعليمات من البيه ظابط امن الدوله اما بصفع المتظاهرين – في الاغلب على قفاهم- واما بسحلهم في الشارع الى ميكروباصات المباحث حيث يتم تعذيبهم كام يوم على سبيل المرح ثم اطلاق سبيلهم ان كانوا سعداء الحظ او اعتقالهم بلا تهمه
اختلف هذا السيناريو الممل كثيرا هذه المره ،تجمع عشرات الالاف من الشباب في العديد من محافظات مصر في الاماكن المتفق عليها للتظاهر، وكانت القاهره كما هو متوقع صاحبه اكبر زخم للاحداث عشرات الالاف الشباب الثائر تجمعو في اماكنهم وبخاصه ميدان التحرير واشتبكوا بعنف مع الشرطه وجحافل الامن المركزي التي تعاملت مع الموقف بوحشيه وخاصه ان الموقف كاد ان يفلت من ايديهم فترات كثيره – او افلت بالفعل – وتمكن الشباب من السيطره تماما على ميدان التحرير وشوارع القصر العيني وبعض شوارع وسط البلد وكانت هناك اشتباكات في العديد من احياء القاهره والجيزه والقليل من المحافظات التي تشهد التظاهر ضدالحكومه لاول مره في تاريخ مصر الحديثه .
الا انه في النهايه استطاعت قوات الامن تدارك الموقف والسيطره على الوضع باستخدام القوه المفرطه بضرب القنابل المسيله للدموع بشكل جنوني مع ضرب الشباب المتظاهر بقوات الامن المركزي بكل القوه والعنف وفي تمام العاشره والنصف كان ميدان التحرير خاليا من المتظاهرين الذين احتلوه طوال اليوم ، وكان المشهد كالتالي وسط القاهره ممثلا في ميدان التحرير وميدان عبدالمنعم رياض وشارع رمسيس عباره عن ثكنات عسكريه بها مئات من حاملات الجنود والجنود مصطفين في الشوارع وحملات اعتقال واسعه لكل من يتواجد في الشارع بعد فض المظاهره وذهاب الجميع الى منازلهم واعلنت الاحكام العرفيه بشكل غير رسمي ،بقيت بعض المناوشات في منطقه السبتيه القريبه من مبنى التلفزيون بماسبيرو .
انفض الشباب الغاضب وكله غيظ من قسوه الشرطه والتعامل المهين والالاف المعتقلين والمصابين في ذلك اليوم من شباب ربما لاول مره في حياته يتظاهر او يقوم بالاصطدام بسلطه الدوله التي دائما ما كان يهابها ويخاف منها ايما خوف ،ولكن هذا الشباب لاول مره تنفس نسائم الحريه والخروج عن سلطه الدوله الكاسحه ووقف محتلا ميدان التحرير وهو يصرخ باعلى صوته ضد رموز الفساد والسرقه وتخريب البلد طائلا اعلى السلطه متمثله في رئيس الجمهوريه ، كام مشهدا مهيبا تفوق لذته في افواه اولئك الشباب اي لذه اخرى جربوها من قبل .
فور انتهاء اليوم بدا الشباب بالاعلان عن يوم جمعه الغضب مدفوعين بحماسه مكاسب ما حققوه في يوم 25 يناير كانت السعاده بالغه في اوساط الشباب واشتعلت بداخلهم جذوه الامل في ان يصل صوتهم الى اعلى سلطه في البلاد لعله ان يقوم باي اجراء ما يشعرهم انهم لا يؤذنون في مالطه
الى الان يجب ان ندرك الحقائق التاليه :
1- لا يوجد تنظيم بعينه هو المسئول عن اندلاع شراره الثوره ولكن كان هناك العديد من المتحمسين والناشطين نستطيع ان نذكر مثلا : اخبار ثوره الياسمين في تونس – صفحه كلنا خالد سعيد – العقيد عمر عفيفي بصفحته والاهم بفيديوهاته التي كان يوالينا بها – حركه شباب 6 ابريل – الاخوان بشكل ضبابي ، طبعا انتشرت البنرات والصور الرمزيه في الفيسبوك انتشار النار في الهشيم
2- لم يكن احدت يتخيل حجم النجاح الذي حققه الشباب ولا هم انفسهم وطبعا كان اكبر المصعوقين هي الدوله ذاتها التي فوجئت ايما مفاجاه ولكنها للاسف اوكلت الحل الى الجهاز الامني الذي لا يؤمن الا بمبدا القوه والاعتقال وارهاب المعترضين بدلا من اللجوء الى الحوار وحل مشاكل المتظاهرين وهذا ما سنرى اثره على النهايه الدراماتيكيه للاحداث
3- لم يكن للمحتجين حتى الان مطالب بعينها اكثر من دمدمات حول طغيان النظام وقتل خالد سعيد او تزوير الانتخابات والاستبداد ، مبادئ عامه يشكوا منها كل المصريين ولكن لا يوجد طلبات محدده حتى الان
بعد يوم الثلاثاء اصبح الوضع في مصر كالتالي:
بعض الحالمين الخياليين اصبحوا يقولون اننا على اعتاب ثوره مثل ثوره تونس واننا سنغير النظام
فريق اخر واقعي كان كل امله في جمعه الغضب ان يخرج علينا مسئول كبير ما يزف الينا اي خبر عن تهدئه ما او اي اجراء يمتص به غضب الشباب
طبعا كان هناك الفريق الاكبروهو السلبي الذي لا يعنيه الامر في شئ وبدا عليه انه لم يهتم اصلا بما حدث
مصر الرسميه تجاهلت الحدث تماما وكان من سخريه القدر ان ظهر الخبر الرئيسي ثاني يوم في جريده الاهرام الجريده الرسميه في مصر يقول بالخط العريض : مظاهرات حاشده في لبنان !!!! ولم يذكر اي شيئ عما حدث في مصر
لكي ندرك من هم منظمي الثوره الحقيقيين الذين دفعوا ثمنها غاليا يجب ان ننظر بتمعن الى يوم الاربعاء 26 يناير فقد قام مجموعه من النشطاء الحقيقيين الذين قامت فعلا الثوره على اكتافهم بعمل مظاهرات متفرقه وصغيره في القليل من مناطق القاهره متحديين جبروت الشرطه الذي بدا مصمما على سحق المتظاهرين مبكرا لاجهاض اي حلم في التغيير في قلوبهم ، اهم هذه المظاهرات مظاهره في قلب القاهره اخترقت حظر التجول شبه الرسمي ، واخذت التظاهره التي لم يكن يتجاوز عدد الناشطين بها الالف في اللف في شوارع طلعت حرب و 26 يوليو وشريف وشامبليون محاطه بجحافل مهوله من رجال الشرطه الذين لم يستطيعوا ملاحقه حركه المتظاهرين السريعه ، الا بان اعلنتالاحكام العرفيه في وسط البلد واخلت الشوارع من المشاه تماما واغلقت المحال التجاريه ثم حاصرت المتظاهرين وقامت بضربهم بالغازات المسيله للدموع والقاء الحجاره عليهم ثم قام الامن المركزي بضرب الشباب الابطال بكل قسوه ووحشيه ورغبه في الانهاء على اي روح ثوريه في قلب الشعب لكي يكونوا عبره لغيرهم ، وبالطبع اعتقلت من استطاعت اعتقالهم ،كان لي شرف المشاركه في هذه المظاهره وقريبا ربما اضع بعض الفيديوهات الخاصه بهذه المظاهره التاريخيه
فات يوم الخميس بشكل هادئ من ناحيه التظاهر حيث لم يكن هناك الا بعض المناوشات مع قوات الامن في العمرانيه وبولاق ابو العلا ، اما على مستوى التجهيز لجمعه الغضب فقد كانت الاحداث مشتعله كسطح الشمس ولا تمضي اي ثانيه الا بتطور جديد ومثير.
سنتابع معا في المقال القادم ما هي المفاجات التي اعدتها الدوله عشيه جمعه الغضب للشعب المتشوق الى الحريه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق