تقوم الانظمه في معظم دول العالم باستخدام اساليب علمية دقيقه للسيطره على الشعوب و صناعه راي عام يتوافق مع مخططات و رغبات هذه الانظمه و نظرتها للمستقبل في بلادها و للنظام العالمي بوجه شامل ، من خلال استراتيجيات للسيطرة على البشر والتحكم في الجماهير وضعها اصحاب النفوذ العالمي على مدار عشرات السنوات وذلك لتحقيق اجندتها ومصالحها في العالم ، كتبت هذه الاستراتيجيات من خبراء متعددين في مجال علم النفس وعلم اللغة وعلوم الأقتصاد والأعلام من كبار الرأسماليين ، معتمدين في ذلك على دراسات علمية ونفسيه امتدت لاكثر من 100 عام قام بها العشرات من الاسماء الرنانه في عالم الفلسفه وعلم النفس و اللسانيات ابتداء ب جوستاف لوبون و انتهاء ب نعوم افرام تشومسكي .
احاول في هذه الدراسه شرح بعض هذه الاستراتيجيات ، مطبقا اياها على الواقع الحالي بدء من الثوره المصرية المجيده و انتهاء بالانتخابات الرئاسية المصرية .
ساعتمد في هذه الدراسة على كتابات لوبون و ليبرمان ، وبشكل خاص على كتب نعوم تشومسكي ، ومقتبسا احيانا نصوص من كتاب الأسلحة الصامتة للحرب الهادئة ، فيما اراه مطابقا بالضبط لواقعنا الحالي
سابدا فورا من استراتيجيه التدرّج ، وكما هو واضح من اسمها فانها تعتمد على التدرج في فرض امور لا يمكن مجتمعيا القبول بها ، وخصوصا لو تم فرضها مره واحده وبشكل مفاجئ او سريع ، فيتم تطبيقها تدريجيّا و على مراحل ، استخدمت هذه الاستراتيجيه من قبل القوى العالميه لضمان قبول ما لا يمكن قبوله من ظروف اقتصاديّة واجتماعيّة مثّلت تحوّلا عالميا جذريّا كالنيوليبراليّة وما صاحبها من معدلات البطالة الهائلة ، والعديد من التغييرات التي كانت ستتسبّب في ثورة إذا ما طبقت بشكل وحشيّ .
نستطيع ان نرى بوضوح تطبيق هذه الاستراتيجية في الانتخابات الرئاسية المصرية ، لم يكن احد يتخيل ان يتجرا احد من فلول النظام المصري السابق على مجرد التفكير في الترشح للرئاسة المصرية ، وخصوصا بعد الثورة العارمة التي قابلت ترشح بعض اعضاء مجلس الشعب عن الحزب الوطني المنحل الغير مهمين و ظهرت نتاجئها بفشل غالبيتهم في النجاح في الانتخابات فيما سمي بالعزل الشعبي للفول ، وما صاحبه من حل رسمي للحزب وانتهاء اسطورته التسلطيه للابد .
في ظل هذا الزخم الثوري لم يكن منطقيا ولا مقبولا شعبيا ان يتم ترشيح اي احد من المحسوبين على النظام السابق لرئاسة الدولة ، ولكن النظام الذي مازال قائما بشكل متحور ، قام باكثر الامور غرابه بالنسبة للمواطن العادي ، ترشيح ثلاثه من اركان النظام القديم دفعة واحدة ، الادهى ان اثنين منهما وهما عمر سليمان وشفيق كان الايقاع بهما شخصيا احد اهداف الثورة المرحليه .
ولكن الاجهزة السيادية وباستخدام استراتيجية التدرج ، وقبلها الاستراتيجية الاشد فعاليه في السيطره و احتواء الثورات - وانا انقل هنا من كتاب الأسلحة الصامتة للحرب الهادئة - وهي استراتيجيه افتعال الأزمات والمشاكل وتقديم الحلول ، تبدأ الامور بخلق مشكلة، وافتعال" وضع ما " الغاية منه انتزاع بعض ردود الفعل من الجمهور، بحيث يندفع الجمهور طالبا لحلّ يرضيه.
على سبيل المثال: السّماح بانتشار العنف في المناطق السكنيه، أو تنظيم هجمات دموية ، حتى تصبح قوانين الأمن العام مطلوبة حتّى على حساب الحرية ، أو خلق أزمة اقتصادية يصبح الخروج منها مشروطا بقبول الحدّ من الحقوق الاجتماعية وتفكيك الخدمات العامّة ، ويتمّ تقديم تلك الحلول المبرمجة مسبقا، ومن ثمّة ، قبولها على أنّها شرّ لا بدّ منه ( !!!! ) .
تم التمهيد لاحتواء الثورة باستراتيجية افتعال الازمه ، بحيث تم صناعة الازمه نصا من الكتاب ، وتحسبا للغضب الشعبي من القوى الثوريه تم ايضا استخدام استراتيجيه التدرج بادخال المرشحين الثلاثه الى الحلبه السياسيه مع ابراز عمر سليمان على انه المرشح الاقوى وبانه القادم للقضاء على الثورة بالتالي انهال كل الغضب الجارف على راسه هو وحده، و انطلق هو في تنفيذ الدور المرسوم له بكل دقه و احترافيه ، تصريحات مستفزه ، الظهور الاعلامي محاطا بحرس من رئاسه الجمهورية للايحاء بانه مرشح المجلس العسكري ، نشر فكره قضاءه على معارضيه حال فوزه ، انهال الهجوم من الثوار سواء على الانترنت او من خلال مظاهرات مليونيه ، ومن وسائل الاعلام المحسوبه على الثورة عليه وحده ، وبالتالي تحول هو الى حائط صد كبير يخفي ورائه تسلل شفيق و عمرو موسى للانتخابات بهدوء وبلا اي مشاكل تذكر !!! وطبقا للمخطط وبشكل مفاجئ و غير منطقي تم التخلص منه بضربه واحده مع اشرس منافسيه الثوريين - الشاطر و ابو اسماعيل - في حركه دراماتيكيه غير واضحه المعالم ولا التفاصيل ، تم تمثيلها بردائه بالغه ولكنها قوبلت من التيارات الثوريه بفرحه عارمه للتخلص من هذا العدو المخيف !!!
انتهت المرحلة الاولى بنجاح وهو وصول اثنين من اركان النظام القديم الى المرحلة النهائية للترشح لرئاسة الجمهورية وبدات المرحلة الثانية ، من منهما هو من يجب ان يبقى للنهايه ومن منهما سيكون حائط الصد و متلقي الهجوم الثوري ؟ الشخص الذي سيتلقى الضربات يجب ان يكون مستفزا في كل لقائاته الاعلامية و يعطي الايحاء بانه ات للقضاء على الثورة و اعاده امن الدولة والتهديد بالقضاء على المعارضين ، مع الايحاء بانه مرشح المجلس العسكري، - لاحظ ان هذا ما قام به عمر سليمان من قبل - وقام به شفيق حرفيا و بالنص وبشكل يدعو اي متابع للاستغراب ، وبالتالي انصب كل الهجوم الثوري و حتى القانوني من خلال قانون العزل على شفيق وحده ، و توجهت كل القوى الثوريه في الشارع لتفطيع بوستراته او صناعه الفيديوهات التي تسفهه و محاولات الهجوم البدني عليه في بعض مؤتمراته و غيرها من اساليب الاحتجاج وفي هدوء كامل وبلا معارضه حقيقيه قويه يتقدم عمرو موسى استطلاعات الراي في انتخابات الرئاسه و يحظى بشعبيه عريضه بين رجل الشارع العادي ،بل ويا للاسف العديد من القوى الثوريه وبعض النخب مستعده للقبول به رئيسا طالما خسر شفيق !!
ان موسى هو الرجل المختار منذ البدايه لنه رجل مناسب للمرحله من وجوه عديده، فهو رجل من النظام القديم ويعرف حدوده جيدا بالنسبه للقوى التقليديه التي تدير الدوله فعليا - الجيش و المخابرات و امن الدوله - ولن يقوم باجراء تغييرات راديكاليه جذريه في النظام ، كما انه محبوب لدى رجل الشارع العادي ، ويمكن بشكل تدريجي تسويقه على انه احد الثوار !! وهو ما يقوله بلسانه انه انضم للثوره من ثاني يوم لانطلاقها ، مع وعود براقه باصلاحات قويه وعوده الامن و انفراجه اقتصاديه من خلال برنامج اصلاحي عاطفي ، واسفر هذا المجهود المنظم و المحترف انه المتصدر لاستطلاعات الراي العام الى الان !!!
ان استخدام تلك القوى السياديه لاستراتيجيات علميه سليمه للسيطره على الشعب بشكل ديمقراطي - منها ما ذكر في هذه الدراسه ومنها ما لم يذكر - مثل استراتيجيات التفريق بين القوى الفاعله و إستراتيجية الإلهاء والتسلية و كذلك استراتيجيه إغراق الجمهور في الجهل والغباء ، لهو امر يستحق الاحترام (!! ) والاعجاب انه توجد في بلادنا اجهزه لديها هذه القدره العلميه و التقنيه و التخطيطيه .
اشعر بالاسى ان يتم التحكم بمقدرات و مستقبل شعب و امه عظيمه بمثل هذه الطرق الملتويه ، وبتفكير طبقات من الصفوه ترى ان الصالح والافضل هو وجهه نظرها الشخصيه ، غير ابهه باختيارات الشعوب الحقيقيه ، ولكن للاسف هذا ما يحدث الان .
الظرف التاريخي الان هو ان الشعب يقوم باختيار كيف سيحكم لحقبه جديده في تاريخ هذه الامه ، ترى هل سيقول كلمته متجاوزا بذكائه و فطنته الجمعيين ، وحضارته الضاربه في جذور التاريخ كفلاح فصيح ذكي منذ الاف السنين كل هذه المؤامرات و الخطط ، ام انه سيقع فيها بسذاجه ؟ هذا هو التحدي .
قد تتفق مع هذا الكلام وقد تختلف معه ، ولكن على كل الاحوال ارجو ان تكون قد استفدت من وجهه النظر في فتح افاقك للتفكير اكثر في مستقبل هذه الامه بشكل جدي ، واعلم يقينا ان بدايه التحرر هو التنور و ادراك وضعك الحقيقي بالضبط ، ولكن هذه قصه اخرى من يدري ربما اكتب عنها في يوم ما !!
للتواصل motaz10@hotmail.com
للتواصل motaz10@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق