الأربعاء، 22 فبراير 2012

الرئيس التوافقي

جائتني الكثير من الاسئله من اصدقائي عن الرئيس التوافقي ، ما معنى رئيس توافقي اصلا ؟ وهل وجوده امر جيد ام لا ؟ وهل يجب ان ارفضه ام اوافق عليه ؟ شعرت ان هذه الاسئله موجوده ايضا عند شريحه عريضه من المصريين والعرب - بالمناسبه اليوم اليمنيين انتخوبو رئيس توافقي - وان كان اغلب الناس تخجل من ان تسال عن المعنى
ففكرت انني ربما اساعد بتوضيح المعنى على قدر علمي ووجهه نظري المتواضعه .

تمهيد مهم لكي نفهم ما هو الوضع الان
الساحه السياسيه الان بها مجموعات من اللاعبين الاساسيين نستطيع ان نلخصهم الى التالي :
المجلس العسكري - التيارات الاسلاميه ( اخوان وسلفيين ) - الثوار - الفلول - المتفرجين من حزب الكنبه (يتحولولن الى فلول تدريجيا )
الوضع الان بين اولئك اللاعبين - باختصار ربما يكون مخلا حتى لا اخرج عن هدف المقال الرئيسي- هو كالتالي :


السلطه والشرعيه منذ اندلاع الثوره اصبحت للثوار ، وحيث ان الجيش ادعى انه منحاز للثوره وحماها فان الشرعيه الثوريه ضمنيا اصبحت في يده ، وقانونيا  وحيث ان رئيس الجمهوريه فوض المجلس العسكري باداره شئون البلاد فان السلطه فعليا في يد الجيش و الجيش حتى يقوم بتحييد الاخوان لانهاء الاحتجاجات وعد بنقل السلطه فورا الى المدنيين

التيار الديني يريد السيطره على الوضع واستغلال الفرصه التاريخيه السانحه لتحقيق ماربهم بتحقيق الحكم الاسلامي وتطبيق الشريعه وغيره من اهدافهم المعروفه
الثوار يحركهم الحماس الثوري العاتي ويريدون ان تجرف ثورتهم كل الفساد الموجود في البلد بما في ذلك الفساد الموجود في الجيش والذي كان ركنا اصيلا من حكم مبارك بالاضافه الى موقفه المتخاذل من جرائم النظام السابق في حق المتظاهرين ووقوفه السلبي امام القتل والتشويه ، كذلك موقفه الاشد تخاذلا من ملف التوريث و تصدير الغاز لاسرائيل بثمن بخس وسرقه المال العام الخ ..

لذلك كانت الصفقه كالتالي : الجيش سيسمح للتيار الاسلامي بالفوز في الانتخابات وسيغض الطرف عن تجاوزاته الانتخابيه - بالمناسبه الانتخابات كانت نزيهه ولكنها ليست عادله - والتي كان من الممكن لو طبق قانون المخالفات الانتخابيه ان يتغير الوضع
التيار الاسلامي سيحترم الجيش وسيتبنى قوانين تسامح الجيش عن اي تجاوزات وسرقات وفساد حدثت في الماضي وسيغلق الملفات مع اعطاء اعضاء المجلس حصانه ضد الملاحقه القانونيه
الثوار يرون في هذه الصفقه خيانه وانقلاب من الاخوان والمجلس على الثوره ومبادئها وانه يجب محاسبه جميع الفاسدين
طبعا الاخوان والمجلس قادا حمله اعلاميه قويه لتشويه الثوار واظهارهم بمظهر المخربين والمفسدين والممولين من الخارج لتخريب البلد وذلك لكسب اصوات المتفرجين - رجل الشارع العادي - الذي مل كل هذا الجدل الذي هو في الاغلب لا يفهمه ولا يريد ان يفهمه

بعد كل هذا الكلام ما معنى الرئيس  التوافقي ؟
انخابات الرئاسه الان مشتعله جدا ويوجد العديد من المرشحين بعضهم له فرص حقيقيه للفوز وبعضهم ربما يحقق مفاجاه ما بالفوز وبعضهم يدخل للشهره فقط
تختلف التيارات السياسيه التي ينتمي اليها المرشحين من الفئه الاولى التي ربما تفوز ما بين المرشح السلفي حازم صلاح ابو اسماعيل وما بين الاسلامي كابو الفتوح وما بين الفلول السابق كعمرو موسى و احمد شفيق وما بين المرشح الثوري كحمدين صباحي والمرشح القوي قبل ان ينسحب البرادعي
من سيفوز منهم ؟  لا احد يعرف ولا حتى يستطيع ان يتكهن بهذا في ظل انتخابات نزيهه حقيقيه لن تستطيع اي جهه تزويرها ، هذا الوضع مخيف جدا بالنسبه للجيش داخليا فهم يخاف من ان ياتي رئيس من تيار غير متوافق معه ويفتح الملفات القديمه التي ربما تزج بقادته في السجن وكذلك مخيف لجميع القوى المتناحره التي تخاف من الاقصاء  ومخيف بقوه للقوى السياسيه الدوليه التي يهمها معرفه توجه مصر السياسي في المرحله القادمه
لذلك كانت الخطه الجهنميه في صفقه جديده بين الاخوان وبين الجيش كالتالي :
يجلس الجيش و الاخوان وبعض القوى السياسيه المجهوله والصغيره التاثير ويتوافقو على رئيس يكون له قبول عند رجل الشارع العادي اي انه وجه مقبول ومعروف بالنزاهه والوطنيه ولكنه ليس شرسا سياسيا ولا ينتمي لاي تيار يشكل خطرا على الحليفين
ويخرج الحليفين للمواطن العادي بهذا الرئيس التوافقي ويتم تسويقه اعلاميا على انه صمام الاستقرار الذي سيخرج مصر من حاله الجدل السياسي الواسع و من حاله خوف رجل الشارع العادي من توجهات الرئيس القادم الى حاله الوضوح .
سيتم التسويق معتمدا على التالي :
ان الحاكم الشرعي للبلاد يثق في هذا الرئيس
وان الاخوان يرون فيه الحاكم العادل والامان لمصر
وان القوى السياسيه الثوريه تريده وذلك استغلالا لعشرات القوى و الاحزاب المجهوله وعديمه التاثير وتصويرها على انها تيارات سياسيه شبابيه وطنيه
كما سيتم استغلال القبول الذي يحظى به وتسويقه على انه البطل المنقذ
لذلك كان الاختيار الاول ذكيا جدا بالزج بنبيل العربي والذي يحمل له كل المصريين انطباعا جيدا في الفتره الصغيره  التي تولى فيها وزاره الخارجيه ، ولا شك ان الاختيار الثاني بعد اعتذار نبيل العربي المفاجئ لن يقل حرفيه وذكاء .
طبعا مناصري المجلس العسكري زائد مناصري الاخوان والتيارات الاسلاميه سيهللون لهذا الرئيس التوافقي ، وسيقوم هذا الحلف من خلال الاعلام بكل وسائله بالتبشير بهذا الرئيس واللعب على وتر الاستقرار و دفع عجله الاقتصاد - وهو ما يحتاجه المصريين الان بشده - وكذلك الوطنيه وعدم ترك البلد في يد العملاء ، وربما ايضا من خلال الدين بشكل ما كما حدث بالضبط في الاستفتاء الدستوري عندما تحول الاستفتاء على الدستور الى استفتاء هل انت مع الاسلام ام ضده ، وكانت النتيجه طبعا كاسحه
رد فعل مرشحي الرئاسه الباقين
طبعا رفض جميع المرشحين - في بيانات ولقائات صحفيه -  بلا استثناء هذه المهزله لانها تعني بالنسبه لهم نهايه احلامهم في الرئاسه تماما لان فوز هذا المرشح سيكون امر حتمي
رد فعل الثوار
الرفض القاطع لمثل هذا الرئيس لان الموضوع هكذا خرج عن اي ممارسه ديموقراطيه الى التفاف على راي المواطن ورغبته فيمن يحكمه ،وهذا يذكرنا بما  كان يفعله حسني مبارك ونظامه  عندما كان يتم الاستفتاء عليه هل يستمر في الحكم ام لا
ما يجب علينا ان نوافق عليه ؟
حقنا ان نختار رئيس الجمهوريه بناء على مواقفه السياسيه و واولوياته لتطوير مصر ،  ورؤيته عن دور مصر الدولي ، وغيرها من القضايا التي تهم المواطن
وليس اختياره بناء على انه سيقدم للمجلس خروجا امنا او بناء على انه سيكون لعبه في يد الاخوان اللذين جائو به رئيسا بغير حول منه ولا قوه  الى رد الجميل لهم






هناك تعليق واحد:

  1. كلام ممتاز جدا جدا ، والتوافقي ظهر وبان في تونس وهاهم بدأوا بالشعور بالمشكلة واليمن إن شاء الله عليها الدور.
    أنا لست مع التوافقي (المتآمر) لذلك سوف أنتخب حازم صلاح أبو إسماعيل.
    وجزاكم الله خيرا على هذا التحليل الرائع والمجهود المشكور.

    ردحذف